هل يستطيع الأشخاص الذين تعدوا سن الأربعين والذين يحتاجوا إلى نظارتين واحدة للقراءة وأخرى لقيادة السيارة من إجراء عملية لتصحيح البصر بحيث يتخلصوا من النظارتين في آن واحد؟ سؤال لطالما وجه لنا كأطباء عيون وعندما كنا نقول للمريض أنه بإمكاننا أن نخلصك من نظارة البعيد ويبقى أن تستخدم نظارة للقريب مدى الحياة، كنا نواجه بسؤال آخر كيف استطاع العلم أن يحقق كل هذه الإنجازات بينما عجزعن حل مشكلة بسيطة كهذه؟

أما الآن وبكل فخر فقد أصبح لدينا في الأردن أحدث تكنولوجيا لتصحيح البصر للأشخاص الذين تعدوا سن الأربعين وممن هم بحاجة إلى نظارتين كما لدينا الكادر الطبي الكفؤ والذي ساهم في تطوير هذا النوع من العمليات علما بأن هذه العمليات تتم في القليل من الدول الكبرى والتي تكاد لا تتعدى عدد أصابع اليد.

تسمى هذه العمليات Presbiopia Treatment  أو    Aspheric Presbiobic Ablation  

وهي تشبه عمليات الليزر والليسك من ناحية المبدأ بينما تختلف في تصميم النحت الليزري ، ففي حين تقوم العمليات القديمة بنحت أطراف القرنية لتجعل مركز ووسط القرنية يتحدب بنفس الشدة.

تقوم العملية الحديثة بنحت تصميم رائع وفريد من نوعه يحتوي على تحدب شديد في مركز القرنية وتحدب أقل في وسط القرنية بحيث يصبح مركز القرنية مصمم للقراءة والكتابة وكافة الأعمال القريبة ويقصد بالقريبة التي تبعد عن العينين 40 سنتمترا أما وسط القرنية فيستخدم للمسافات البعيدة مثل قيادة السيارة ومشاهدة التلفاز وغيرها.

وحتى نتمكن من إجراء مثل هذا التصميم بأشعة الليزر على سطح القرنية كان لابد من ابتكار جهاز يقوم بالتعرف على قزحية العين أو ما يعرف ببصمة العين بحيث يتم تتبع العين أثناء المعالجة بأشعة الليزر بشكل دقيق حتى نتمكن من تنفيذ هذا التصميم الفريد دون أي أخطاء ، كما كان لابد من ابتكار جهاز ليزر يصدر أشعة بأقطار مختلفة كي يستطيع نحت التصميم على سطح القرنية بالدقة والسرعة المطلوبة ، وأخيرا كان لابد من وجود الكادر الطبي المؤهل لهندسة كل تصميم على حدى بحيث يناسب هذا المريض أو ذاك ، والآن وبعد أن اتيحت كل هذه الشروط انطلقت عمليات تصحيح القريب والبعيد في آن معا وكانت التنائج مذهلة .

هل يستطيع كل إنسان أن يتقدم لإجراء مثل هذا النوع من العمليات ؟

بالطبع لا فهناك شروط ومواصفات يجب أن تنطبق على الشخص الذي يقدم على هذا النوع من العمليات نذكر هنا أهمها

1-    أن يكون السن بين الأربعين والثامنة والستين.

2-    أن يكون المريض بحاجة إلى نظارة للبعيد ونظارة للقريب في حياته اليومية.

3-    أن يكون لديه طول نظر لا يتعدى الأربع درجات وانحراف لا يتعدى الدرجة والنصف وأن لا يتعدى الطول والإنحراف مجتمعين 4.75 من الدرجات.

4-    أن تكون حدة الإبصار بالنظارة 6/6 للقريب والبعيد.

5-    أن يكون ارتفاع أو تحدب القرنية ملائما ، وهذا يمكن التعرف عليه من خلال الصورة الطبوغرافية التي يتم إجراءها قبل العملية.

6-    أن يكون حجم البؤبؤ ملائما ، وهذا يتم قياسه بأجهزة خاصة قبل إجراء العملية.

7-    أن يكون النظر مستقرا منذ مدة عام على الأقل بحيث لا يكون هناك اختلاف في الدرجات ما بين طول وانحراف يزيد عن درجة واحدة.

8-    اذا كان المريض يستخدم عدسات لاصقة فعليه إزالتها مدة أسبوعين قبل العملية.

9-    يجب أن تكون سماكة القرنية كافية ، وهذا يتم حسابه بالكمبيوتر الذي يجري التصميم العلاجي.

لقد كنا في السابق وأمام اصرار المريض على عدم استخدام أي نظارة سواء للقريب أو البعيد نجري عملية تسمى Monovision أي أننا كنا نقوم بإجراء عملية ليسك للعين القوية (Dominant eye) بحيث نزيل كل الدرجات من قصر أو طول فيصبح النظر بهذه العين حاد لرؤية البعيد وفي نفس الوقت نجري عملية ليسك للعين الأقل قوة بحيث نبقي بها قليل من قصر النظر فيصبح النظر بهذه العين حاد لرؤية القريب ، أي بمعنى آخر فإن المريض يستطيع بعد العملية أن يشاهد التلفاز ويقرأ الجريدة في آن واحد دون استخدام أي نظارة ولكن في كلتا الحالتين فإن المريض يرى بعين واحدة ، فهو مثلا يشاهد التلفاز بعينه اليمنى ولو حاول مشاهدته بالعين اليسرى لما استطاع ، كما أنه يقرأ الجريدة بعينه اليسرى ولو حاول قرائتها بعينه اليمنى لما استطاع .

لم يكن جميع المرضى مرتاحون بأن يشاهدوا العالم بعين واحدة ومعظم المرضى كانوا يرفضون الفكرة من أساسها أما الآن ومع التكنولوجيا الحديثة فقد أصبح بالإمكان تصحيح كل عين على حدى للقريب والبعيد وبالتالي يمكن رؤية العالم بكلا العينين في آن واحد كما لو كان الإنسان عمره عشرون عاما مثلا فهل هناك أجمل من أن يعود الإنسان بالسنين إلى الوراء ؟